الذكاء الاصطناعي الجديد DeepSeek يهزُّ عرش أسواق التكنولوجيا كدليلٍ على قوّة المنافسة
-1739794080.jpeg)
لقد شهدت صناعة الذكاء الاصطناعي تحوّلاً جذريًا، فشركة "DeepSeek"، وهي شركة ناشئة في الصين، صدمت عالم التكنولوجيا من خلال نموذج لغوي قوي ينافس نموذج "ChatGPT" من OpenAI، بتكلفة ضئيلة، ومع صدمة وادي السيليكون، أصبح المستثمرون وخبراء الذكاء الاصطناعي يتساءلون عن مستقبل هيمنة الذكاء الاصطناعي التوليدي.
ما هو الـ DeepSeek؟
تأسست شركة DeepSeek في عام 2023 بواسطة ليانغ وينفينج، الرئيس التنفيذي لصندوق التحوّط المسمى "High-Flyer". DeepSeek هي شركة ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر، وعلى عكس العديد من منافسيها، فإنّها تتيح لمجتمع المطورين الأوسع فحص وتحسين تقنيتها، وفي بداية يناير، تصدّرت تطبيقاتها المحمولة قائمة تحميلات الآيفون في الولايات المتحدة، مما يدل على اهتمام كبير من قبل المستهلكين.
يتميّز التطبيق عن "ChatGPT" من OpenAI من خلال توضيح تفكيرها قبل تقديم الإجابة، مما يجعله أكثر شفافية في توليد الإجابات. ويقال إن إصدار R1 يعادل أداء النسخة الأخيرة من OpenAI، ولكن بتكلفة أقل بكثير.
الاضطراب في التكاليف: كيف غيّر الـ DeepSeek مشهد الذكاء الاصطناعي؟
أحد أبرز جوانب صعود الـ DeepSeek هو كفاءتها من حيث التكلفة، تنفق شركة OpenAI حوالي 100 مليون دولار لتدريب نموذج ذكاء اصطناعي، من ناحية أخرى، حققت الـ DeepSeek مستوى أداء مشابهًا بتكلفة قدرها 6 ملايين دولار فقط، هذا الانخفاض الكبير في التكلفة يثير أسئلة ملحّة:
كيف تمكّنت الـ DeepSeek من تطوير نموذج تنافسي بتلك التكلفة المنخفضة؟ هل سيجبر هذا الشركات الكبرى في مجال الذكاء الاصطناعي على إعادة النظر في استراتيجيات إنفاقها؟ هل يمكن للشركات الأمريكية في مجال الذكاء الاصطناعي الحفاظ على هيمنتها، أم أن السوق في طريقه للتغير؟
الصدمة المالية: 500 مليار دولار تم محوها
شعر السوق المالي على الفور بتأثير ظهور الـ DeepSeek، ففي يوم الاثنين، شهدت شركة إنفيديا، المورد الرئيسي لشرائح الذكاء الاصطناعي، انخفاضًا في أسهمها بنسبة 17%، مما أدى إلى محو حوالي 600 مليار دولار من قيمتها السوقية، وبالنظر إلى الدور الحيوي الذي تلعبه إنفيديا في دعم نماذج الذكاء الاصطناعي حول العالم، فإن هذا الانخفاض يشير إلى مخاوف المستثمرين بشأن تغيّر اقتصاديات الذكاء الاصطناعي.
وكان التأثير قويًا بما يكفي ليحرّك رد فعل من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي وصف اختراق DeepSeek بـ "دعوة استيقاظ" لصناعة التكنولوجيا الأمريكية، وأكدت تصريحاته على ضرورة أن تظل الشركات الأمريكية في صدارة سباق الذكاء الاصطناعي في ظل التنافس العالمي المتزايد.
هل يشكّل الـ DeepSeek تهديدًا حقيقيًا لوادي السيليكون؟
بينما لا يمكن إنكار كفاءة الـ DeepSeek من حيث التكلفة، يحذّر بعض المحلّلين من المبالغة في التوقعات حول تأثيره الفوري. فهناك العديد من الاعتبارات التي لا تزال قائمة:
شفافية التكاليف: لم تكشف الـ DeepSeek عن إجمالي التكاليف المتعلّقة بالبحث والتطوير، ممّا يترك حالة من عدم اليقين حول استثماراتها الحقيقية.
الذكاء الاصطناعي على مستوى الشركات: على الرغم من أن نموذج الـ DeepSeek ينافس "ChatGPT" في التطبيقات الاستهلاكية، إلا أنه لم يثبت بعد جدارته في المهام المتطلّبة للبنية التحتية الكبيرة الخاصة بالذكاء الاصطناعي على مستوى المؤسسات.
القيادة الأمريكية في مجال الذكاء الاصطناعي: يدعمه النظام البيئي الأمريكي في الذكاء الاصطناعي بموارد بشرية ورأس المال الكبير، مما يجعل من غير المحتمل أن يؤدي اختراق واحد إلى إرباك سنوات من التقدم.
الخصوصية والمخاوف الأمنية بعيدًا عن ميزاته التنافسية، يثير الـ DeepSeek تساؤلات جدية حول الأمان، فبما أن منصات الذكاء الاصطناعي تنطوي على مخاطر تتعلّق بخصوصية البيانات، فإن تطبيق الـ DeepSeek لا يُستثنى من ذلك، يجب على المستخدمين اتخاذ الاحتياطات التالية:
التحقق بانتظام من أذونات الخصوصية.
تجنب منح الوصول إلى الميكروفون والكاميرا أو الملفات الحساسة.
يجب أن يكونوا على دراية بأن المحفزات التي تُرسل إلى الذكاء الاصطناعي قد يتم تخزينها وتحليلها.
مستقبل الذكاء الاصطناعي: عصر تنافسي جديد
لقد أجبر الـ DeepSeek صناعة الذكاء الاصطناعي على إعادة النظر، لقد أظهر وجود هذه الشركة أن نماذج الذكاء الاصطناعي عالية الأداء يمكن أن تُبنى بتكلفة أقل بكثير مما كان يُعتقد سابقًا، مما يشكل تحديًا للهيمنة التقليدية لوادي السيليكون، وبينما قد لا يتمكّن الـ DeepSeek من الإطاحة بـ OpenAI أو إنفيديا على الفور، فقد وضع سابقة جديدة من حيث الكفاءة في التكاليف والتنافس في تطوير الذكاء الاصطناعي.
ستكون الأشهر القادمة حاسمة في تحديد ما إذا كان الـ DeepSeek سيثبت موقعه كأحد اللاعبين الرئيسيين أو عنصراً عابراً، ومع ذلك، شيء واحد واضح: لن تكون صناعة الذكاء الاصطناعي كما كانت عليه من قبل بعد هذا الحدث.